كلمة إذا قلتها حرمك الله على النار وأدخلك الجنة

هذه كلمة عظيمة، إذا قلتها من قلبه صادقًا، حرم الله عليك الجنة، فلا تدخلها، ولو دخلتها فلا تُخَلد فيها أبدًا، فقائلها مصيره أن يخلد في الجنات، مهما قصر به عملُه إن شاء الله.

أخرج الإمام  مسلم رحمه الله في صحيحه عن عبد الرحمن الصنابحي، وعبد الرحمن الصنابحي هذا كان له شأن عجيب، وذلك أنه قدم من اليمن إلى رسول الله ﷺ ليعلن إسلامه، ولكنه لم يدرك رسول ﷺ، فبينما هو بالجحفه جاءه الخبر بوفاة رسول الله ﷺ قبل أن يبلغ المدينة، فلما وصل المدينه وجد أن رسول الله ﷺ قد مات منذ خمسة أيام، ففاته فضل شرف بأيام يسيره، لكن الفضل لم يفتْه، فلازم أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وثبت على دينه وتعلم، حتى صار من كبار التابعين وأأمتهم، وكان رحمه الله رجلاً صالحاً كبير القدر، ظل ملازما لأصحاب رسول الله ﷺ يتعلم منهم، وكان ممن لازمهم وتعلم منهم: عباده ابن الصامت رض الله عنه.

وعبادة بن صامت رضي الله كان من كبار الصحابه، وكان أحد النقباء الإثني عشر الذين شهدوا بيعة العقبة الأولى، وذلك عندما جاء بعض الصحابه من المدينه – وكانوا طليعة من أسلم من الأنصار – فبايعوا النبي ﷺ بيعة العقبه الأولى. وكان عبادة رضي الله عنه ممن شهد غزوة بدر.

ظل عبد الرحمن الصنابحي سنين طويله ملازمًا عبادة بن الصامت يتعلم منه إلى أن جاءت سنه ٣٤ من هجرة النبي ﷺ، ودخل عبد الرحمن على عباده بن الصامت، وهو في لحظات النهاية الأخيرة في هذه الحياة، فلما رآه في ينازع الموت بكى فقال له عباده: مهلا ولم تبكي؟ فوالله لئن استشهدت لأشهدن لك، ولئن شفعت لأشفعن لك، ولئن استطعت لأنفعنك

لو طلبت مني الشهاده لرجل صالح مثلك سأشهد أنك رجل صالح، ولأن أذن لي أن أشفع لأحد فيدخل الجنه فسوف أشفع لك، ولئن استطعت أن أنفعك بشئ لأنفعنك به ولن أبخل عليك.

قال عبادة: والله ما من حديث سمعته من رسول الله ﷺ لكم فيه خير إلا حدثتكموه، إلا حديثا واحدا، وسوف أحدثكموه اليوم، وقد أحيط بنفسي. [أي: نزل بي مرض الموت].

قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول : ((من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه النار)).
[أخرجه مسلم (29)].

هذه هي الكلمة؛ أن تقول بلسانك وقلبك: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وأن تجتهد في العمل بمقتضاها؛ فتفرد الله وحده بالعبادة، ولا تشرك به شيئا، وتؤمن بمحمد ﷺ نبيًّا ورسولًا، فتمتثل أمره، وتقتفي أثره.

أخرج الشيخان عن عبد الله بن مسعود قال: سمعت من رسول الله ﷺ يقول: ((من مات يشرك بالله شيئا دخل النار)).
وقلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.
[أخرجه البخاري (1238)، ومسلم (92)].

قال العلماء: حكمه ﷺ على من مات يشرك بدخول النار، ومن مات غير مشرك بدخوله الجنة أجمع عليه المسلمون. فأما دخول المشرك النار فهو على عمومه فيدخلها ويخلد فيها، ولا فرق فيه بين الكتابي اليهودي والنصراني، وبين عبدة الأوثان وسائر الكفرة.

‏وأما دخول من مات غير مشرك الجنة فهو مقطوع له به، لكن إن لم يكن صاحب كبيرة مات مصرا عليها دخل الجنة أولا، وإن كان صاحب كبيرة مات مصرا عليها فهو تحت المشيئة، فإن عفي عنه دخل الجنة، وإلا عذب، ثم أخرج من النار، وخلد في الجنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *