سؤال يحرمك أجر صلاة ٤٠ يوم 🙁

عن صفية بنت أبي عبيد الثقفية امراة عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، عنْ بعضِ أزواجِ النبيِّ ﷺ، عنِ النبيِّ ﷺ قال: ((مَنْ أتى عرَّافًا فسأله عن شيءٍ؛ لم تُقبلْ له صلاةٌ أربعينَ ليلةً)) ([1]).

فهذا سؤال واحد يحرمك أجر صلاة أربعين ليلة.

ولكن، من هو العراف؟

قال هنا: ((عرافا))، وفي بعض الأحاديث ذكر: الكاهن، والمنجم، وهذه الألفاظ الثلاثة بينها ترابط.

قال العلماء: الكاهن هو الذي يدعي معرفة الغيب؛ كأنْ يقولَ: ستُرزَقُ بكذا، ويحدُثُ لك كذا، وسوفَ تتزوَّجُ بفلانة، ونحو هذا مِنَ الكلامِ.

والمنجم هو: الذي ينظر فِي النُّجُومِ فيحْسبُ مواقيتهَا وسيرَها، ويدعي معرفةِ الأنباءِ وأَحْوَالِ الْكَوْنِ بمطالعِ النُّجومِ.

والعرَّافُ قِيلَ: هو المُنَجِّمِ والكَاهِنِ، وقِيلَ: العِرافةُ مختصَّةٌ بالأمورِ الماضِيَةِ، والكِهانَةُ مختصَّةٌ بالحادِثَةِ، وقيل غيرُ ذلك.

وقد انتشرت هذه الأمور في زماننا، فلا تكاد تفتح جريدة ولا صحيفة إلا وتجد فيها عمودًا عن الأبراج، فمثلا: برج الأسد، مواليد شهر أكتوبر، ستفرح اليوم فرحًا شديدًا، وغير ذلك من الخرافات، فالذي يفتح الجريدة ويقرأ هذه الخرافات وهو مصدق بها داخل في هذا الإثم.

مثلا: تكون مقبلا على أمر مهم، فتذهب لمنجم أو قارئ كف، وتسأله: اقرأ لي الكف، وانظر لي الطالع، ويقول لك: افتح يدك، ثم يبدأ يقرأ الكف بزعمه، ويقول لك: سيحدث لك كذا وكذا.

كل هذا حرام ولا يجوز، فلا تفعله.

بل إن الذي يصدق هؤلاء المنجمين في ادِّعائِهم الغيبَ قد يكونُ مكذِّبًا لكلامِ اللهِ عز وجل؛ إذ اللهُ قالَ: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26-27].

ولهذا صح عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنه قال: ((مَنْ أتى كاهنًا فصدَّقه بما يقولُ؛ فقد كفر بما أُنزلَ على محمدٍ ﷺ)) ([2]).

وبعض العلماء يصحح هذا الحديث مرفوعًا إلى النبي ﷺ.

وقد يَصدُقُ هؤلاء المنجمون والكهان في بعض الأحيان، فلا تنخدع بهذا، فقد قال النبي ﷺ: ((تلك الكلمةُ الحقُّ، يخطَفُها الجِنِّيُّ فيقذفُها في أُذُن وليِّهِ، ويزيدُ فيها مائةَ كِذْبةٍ)) ([3]).

واشتُهرَ بين الناس: ((كذَب المُنَجِّمونَ، ولو صدقوا))، وهذا ليس بحديث عن النبي ﷺ، ولكن كلام صحيح.

يقول العلماء: فمن سأل عرافا أو كاهنا عن شيء من الغيب فهو متعرض لهذا الوعيد الشديد؛ ألا يقبل الله منه صلاته أربعين يوما.

وقال بعض العلماء: ورد في في روايةٍ ([4]): ((مَنْ أتى عرَّافًا فصدَّقه بما يقول؛ لم تُقبلْ له صلاةٌ أربعينَ يومًا))، فيحمل هذا على أن الوعيد ينسحب على من سأل العراف مصدقا له، وبعض العلماء حمله على من سأل ولو لم يكن مصدقًا.

يقول العلماء: وليس معنى هذا أن من فعل هذا يترك الصلاة، بل يجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس، وصلاته صحيحه إذا جاء بأركانها، ولا يحتاج لإعادتها، ولكنه يحرم أجر الصلاة، وتجب عليه التوبة والاستغفار.

وقد جاء في الحديث الصحيح: ((إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرُها، تسعهُا، ثمنُها، سبُعها، سدُسُها، خمُسُها، ربُعُها، ثلُثُها، نصفُها)).([5]).

قال العلماء: وهذا لما أخل في الأركان والشرائط والخشوع والخضوع وغير ذلك، فينصرف من صلاته ولم يكتب له إلا عشر ثوابها أو تسعها أو ثمنها، وهكذا، بل قد لا يكتب له شيء من الصلاة شيء، ولا تقبل صلاته أصلا، كما هو فيمن فعل هذا الذنب العظيم.


([1]) أخرجه مسلمٌ (2230).

([2]) صحيحٌ موقوفًا: أخرجه الطيالسيُّ في “مسنده” (382)، وابنُ الجعدِ (425، 1951)، والخلالُ (1409)، من طرقٍ عن عبد الله. قلتُ: وقد رُوِي مرفوعًا، لكنه معلولٌ، انظر: “العلل الكبير” للترمذي (76)، و”العلل” للدارقطنيِّ (5/328). وصحَّحه بعضُ أهلِ العلمِ مرفوعًا، انظر: “إرواء الغليل” (2006).

([3]) أخرجه البخاري (3210)، ومسلم (2228).

([4]) أخرجها أحمدُ (4/68)، (5/380)، بسند صحيح.

([5]) أخرجه أحمد وأبو داود.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *